قارئة الفنجان / د. احمد علي

 قارئة الكف والفنجان

كلمات بقلمي/ أحمد توفيق محمد

سألتها تقرأ لي كفّي..

وتُطيلَ النظر بفنجاني

***

قالت: من أنت يا ولدي؟

ومِنْ أي زمان ومكان؟

***

قلت:

أنا ابن القهر بعالمهِ..

ومكاني صوب الأحزان

أنا مَنْ جاء بيّ قدري...

غريب بين الإخوان

أنا من عانى بغربتهِ...

أحببت الورد فأدماني

أنا من عانى عام ولّى..

أحملُ مصائب أقراني

أنا مَنْ جيء بي قسراً

في عالم خالِ الوجدان

أنا من كان لي اسم..

في وثيقة سفري..

إنسان

اقرئي يا امرأة فنجاني..

وارمي بالودع..

على رملك ..

فالدار فراقه أضناني

****

اقرئي الكفّ بظهورك...

وأحرقي في التو بخورك..

وأشعلي بالقلب جنونك...

واحرقي شياطين مكاني

ماذا يخبئ ليَّ الغد؟!...

هل يُخفي سعادتي...

وأماني؟!!

هل تزداد المآسي؟!!..

أم جفَّ الدم..

من الأبدان؟

***

ضَحِكَتْ من سؤالي..

أراك تهذي بالمصائب..

وأضغاث أحلام..

بلا أماني.. بلا أغاني

وأنا أرى بالأفق دخان..

ملأت كل الأركان

*********

جلست قارئة الكف...

تقرأ خطوط اليد..

وتقلبَ كل الأوراق

قالت:

العام القادم يا ولدي..

آخر مثواك

الحب يا ولدي قد ينضب..

وتجف كل الأشواق

أراك يا ولدي لا تُبْصِر..

وتُلقي بنفسك للمجهول..

يا ولدي حيرني أمرك

قرأت الكف بيمناك

افتح يا أعمى عيناك..

خطوط الحب ممزقة..

بهذا الزمن الفتّاك

***

سألتها:

أي زمن يا امرأة؟!!

نعق البوم لرؤياك

***

قالت:

أتطلبَ مني أسايركَ..

وأقولُ كلامي بإملاقِ؟!

سنون مرّت يا ولدي...

بالهدم وقتل الأعراق

والزهر احترقت أوراقه..

وبَقِيَتْ فيه الأشواك

العام القادم يا ولدي..

تتحطم فيه الأخلاق

والورد تلوّن بالأسود..

وشجر الزهر بلا ساق

واللون الأحمر يا ولدي...

يكون الفصل بدنياك

***

نزعتُ كَفيَّ من يدها...

أصرخ...

يا امرأة رفقاً..

البُن بفنجانك أسود..

الدنيا بخيرٍ.. لولاكِ

***

قالت:

اسأل طفلاً بلا مأوى..

أبكاني من قبل وأبكاك

اسأل عن أرض بلا بشر...

يسكنها دمار وهلاك

وخيام تحملها الأمطار..

وديار اسم بلا دار..

وجار يقتل في الجار...

وأخاك يزداد تجاهله...

فليبقى حياً إن أمكن...

ولتُقْطع كل الأعناق

ويحلم بسفينة نوح...

وأخاه يعاني الإغراق

***

قلت:

يا امرأة قرأتِ بلا رحمة..

الكف وكذب الأوراق

وشربتُ المُر بفنجاني..

لدياري وربي مشتاق

***

قالت:

خدعتُكَ.. لستُ منجمة..

لكني قرأت خفاياك..

ورأيتُ ديارك قد هُدمت..

واحترقت في الأفق سماك

ودمار وقتل وإحراق

وسيأتي يوم يا ولدي..

الثأر سيغزو الأعماق

***

قلت:

أين الأماني يا امرأة!!..

للفجر حتماً إشراق

***

قالت:

العام القادم قد يأتي..

بثوبٍ أبيض براق

**

قلت:

يا امرأة زيدي برؤياكِ

سيأتي الأخ يساندني..

وأعودُ من بعد فراق؟

***

قالت:

سيأتي اليوم يا ولدي..

يعودَ الأخ .. بأشواق

ويُضاء الليل بعشاقه..

تحلم وتُحب وتشتاق

سيعود الأخ يساندك..

وتعود الأخت للقياك

ويعود الجار كما كان..

وتُفتح أبواب الإغلاق

سأقرأ دوما فنجانك..

وأجلس في ظل أمانك..

ونشربَ فنجان القهوة..

ونحكي غرام العشاق

يا ولدي لستُ منجمة..

الغيب يعرفه المولى..

والقدر يُسيّرهُ الخلاّق

لكن الفعل بأيديكُم...

والثأر سلاح يناديكم...

والوحدة سلام... ووفاق